الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفوائد (نسخة منقحة)
.حبسان منجيان: .التقوى: وفي الزهد للإمام أحمد أثر إلهي: ما من مخلوق اعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والأرض دونه، فإن سألني لم أعطه، وإن دعاني لم أجبه، وإن استغفرني لم أغفر له. وما من مخلوق اعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والأرض رزقه، فإن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبته، وإن استغفرني غفرت له. .حسن الخلق من التقوى: .عبر وعظات: صاح بالصحابة واعظُ: {اقترب للناس حسابهم} سورة الأنبياء، الآية: 24. فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر العيون {فسالت أودية بقدرها}. تزينت الدنيا لعلي فقال: أنت طالق ثلاثا لا رجعة لي فيك. وكانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور للهوى جواز المراجعة. ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل، كيف وهو أحد رواة حديث: «لعن الله المحلل»؟ ما في هذه الدار موضع خلوة فاتخذه في نفسك، لا بد أن تجذبك الجواذب فاعرفها وكن منها على حذر، ولا تصرفك الشواغل إذا خلوت منها وأنت فيها , نور الحق أضوأ من الشمس، فيحق لخفافيش البصائر أن تعشو عنه الطريق إلى الله خال من أهل الشك ومن الذين يتبعون الشهوات، وهو معمور بأهل اليقين والصبر، وهم على الطريق كالأعلام {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} سورة السجدة، الآية: 24. .تأثير لا إله إلا الله عند الموت: ماذا يملك من أمره من ناصيته بيد الله ونفسه بيده، وقلبه بين أصبعين من أصابعه يقلبه كيف يشاء، وحياته بيده وموته بيده، وسعادته بيده، وشقاوته بيده وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بإذنه ومشيئه، فلا يتحرك إلا بإذنه، ولا يفعل إلا بمشيئته. إن وكل هو إلى نفسه وكل إلى عجز وضيعة وتفريط وذنب وخطيئة، وإن وكله إلى غيره وكله إلى من لا يملك له ضرًّا ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا. وإن تخلى عنه استولى عليه عدوه وجعله أسيراً له. فهو لا غنى له عنه طرفة عين، بل هو مضطر إليه على مدى الأنفاس في كل ذرة من ذراته باطناً وظاهراً. فاقته تامة إليه. ومع ذلك فهو متخلف عنه معرض عنه، يتبغض إليه بمعصيته، مع شدة الضرورة إليه من كل وجه، قد صار لذكره نسيًّا واتخذه وراءه ظهريًّا، هذا وإليه مرجعه وبين يديه موقفه. .ما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا: طعامان وشرابان، فالطعامان من الحيوان والنبات، والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ. فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة. لكنه سبحانه فتح له-إن كان سعيداً- طرقاً ثمانية، وهي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئاً من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له. وليس ذلك لغير المؤمن، فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس ولا يرضى له به ليعطيه الحظ الأعلى النفيس، والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له. بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئاً، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا ولو أنصف العبد ربه، وأنى له بذلك، لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك، فما منعه إلا ليعطيه، ولا ابتلاه إلا ليعافيه، ولا امتحنه إلا ليصافيه، ولا أماته إلا ليحييه، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه في {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا} سورة الفرقان، الآية: 62 {وأبى الظالمون إلا كفوراً}، والله المستعان. من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها من عيوب الناس. من عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسه. أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص وعن نفسك بشهود المنة، فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق. .أبواب النار: 1- باب شبهة أورثت شكا في دين الله. 2- وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته. 3- وباب غضب أورث العدوان على خلقه. .أصول الخطايا: 1- الكبر، وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره. 2- والحرص، وهو الذي أخرج آدم من الجنة. 3- والحسد، وهو الذي جرأ أحد ابني آدم على أخيه. فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقي الشر، فالكفر من الكبر، والمعاصي من الحرص، والبغي والظلم من الحسد. .حكمة الله في أجزاء الإنسان: أخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله بنفسه، بل أخسر منه من اشتغل عن نفسه بالناس. في السنن من حديث أبى سعيد يرفعه: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا». قوله: تكفر اللسان، قيل: معناه تخضع له وفي الحديث: أن الصحابة لما دخلوا على النجاشي لم يكفروا له، أي لم يسجدوا ولم يخضعوا. ولذلك قال عمرو بن العاص: أيها الملك، إنهم لا يكفرون لك. وإنما خضعت للسان لأنه بريد القلب وترجمانه والواسطة بينه وبين الأعضاء. وقولها: إنما نحن بك، أي نجاتنا بك وهلاكنا بك، ولهذا قالت: فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا. .اتقوا الله وأجملوا في الطلب: .المأثم والمغرم: .الجهاد: قال الجنيد: والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبل الإخلاص، ولا يتمكن جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا، فمن نصر عليها نصر على عدوه، ومن نصرت عليه نصر عليه عدوه. .عداوة العقل والهوى: فإن قال ذلك احتجاجا على ذلك السلطان ودفعا لرسالته ورضا بما هو فيه عند عدوه، خلاه السلطان الأعظم وحاله وولاه ما تولى. وإن قال ذلك افتقارا إليه وإظهارا لعجزه وذله وأنه أضعف وأعجز أن يسير إليه بنفسه ويخرج من حبس عدوه ويتخلص منه بحوله وقوته، وأن من تمام نعمته ذلك عليه كما أرسل إليه هذه الرسالة أن يمده من جنده ومماليكه بمن يعينه على الخلاص ويكسر باب محبسه ويفك قيوده، فإن فعل به ذلك فقد أتم إنعامه عليه، وإن تخلى عنه فلم يظلمه ولا منعه حقا هو له. وإن حمده وحكمته اقتضى منعه وتخليته في محبسه، ولا سيما إذا علم أن الحبس حبسه وأن هذا العدو الذي حبسه مملوك من مماليكه وعبد من عبيده، ناصيته بيده لا يتصرف إلا بإذنه ومشيئته، فهو غير ملتفت إليه ولا خائف منه ولا معتقد أن له شيئا من الأمر ولا بيده نفع ولا ضر، بل هو ناظر إلى مالكه ومتولي أمره ومن ناصيته بيده قد أفرده بالخوف والرجاء والتضرع إليه والالتجاء والرغبة والرهبة، فهناك تأتيه جيوش النصر والظفر. .مراتب العلوم: وأعلى الهمم في باب الإرادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف مع مراده الديني الأمري. وأسفلها أن تكون الهمة واقفة مع مراد صاحبها من الله، فهو إنما يعبده لمراده منه لا لمراد الله منه، فالأول يريد الله ويريد مراده، والثاني يريد من الله وهو فارغ عن إرادته. .علماء السوء: إذا كان الله وحده حظك ومرادك فالفضل كله تابع لك يزدلف إليك، أي أنواعه تبدأ به، وإذا كان حظك ما تنال منه فالفضل بطريق الضمن والتبع، فإن كنت قد عرفته وأنست به ثم سقطت إلى طلب الفضل حرمك إياه عقوبة لك ففاتك الله وفاتك الفضل. .انتصار الرسول: دخل وذقنه تمس قربوس سرجه خضوعا وذلا لمن ألبسه ثوب هذا العز الذي رفعت إليه فيه الخليقة رؤوسها ومدت إليه الملوك أعناقها. فدخل مكة مالكا مؤيدا منصورا. وعلا كعب بلال فوق الكعبة بعد أن كان يجر في الرمضاء على جمر الفتنة، فنشر بزا طوي عن القوم من يوم قوله: أحد أحد. ورفع صوته بالأذان، فأجابته القبائل من كل ناحية، فأقلبوا يؤمون الصوت، فدخلوا في دين الله أفواجا وكانوا قبل ذلك يأتون آحادا. فلما جلس الرسول على منبر العز، وما نزل عنه قط، مدت الملوك أعناقها بالخضوع إليه. فمنهم من سلم إليه مفاتيح البلاد، ومنهم من أخذ في الجمع والتأهب للحرب، ولم يدر أنه لم يزد على جمع الغنائم وسوق الأسارى إليه. فلما تكامل نصره وبلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاءه منشور: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا} سورة الفتح: الآية 1 وبعده توقيع: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} سورة النصر: الآية 1، جاءه رسول ربه يخيره بين المقام في الدنيا وبين لقائه، فاختار لقاء ربه شوقا إليه، فتزينت الجنان ليوم قدوم روحه الكريمة لا كزينة المدينة يوم قدوم الملك. إذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموت بعض أتباعه فرحا واستبشارا بقدوم روحه، فكيف ستعلم يوم الحشر أي سريرة تكون عليها {يوم تبلى السرائر}. .غرور الأماني: دخلت امرأة النار في هرة. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب، وإن الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة، فإذا كان عند الموت جار في الوصية فيختم له بسوء عمله فيدخل النار. العمر بآخره والعمل بخاتمته. من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته، ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا، ومن أساء في آخر عمره لقي ربه بذلك الوجه. لو قدمت لقمة وجدتها ولكن يؤذيك الشره. كم جاء الثواب إليك فوقف بالباب فرده بواب: سوف، ولعل، وعسى. كيف الفلاح بين إيمان ناقص، وأمل زائد، ومرض لا طيب له ولا عائد، وهوى مستيقظ، وعقل راقد، ساهيا في غمرته، عمها في سكرته، سابحا في لجة جهله، مستوحشا من ربه، مستأنسا بخلقه، ذكر الناس فاكهته وقوته، وذكر الله حبسه وموته، الله منه جزء يسير من ظاهره، وقلبه ويقينه لغيره. |